معلومات الإتصال

العراق – بغداد – شارع السعدون \ عمارة فخر الدين \ مقابل محطة وقود الجندي المجهول

    د.زمن ماجد عودة

 كلية العلوم السياسيه جامعه بغداد

شهد الشارع العراق في الآونة الاخيرة موجة من الاحتجاجات الشعبية الغاضبة المطالبة بإجراء تغييرات واصلاحات دستورية للنهوض بواقع البلد اجتماعياً وأمنياً واقتصادياً وسياسياً.

وعلى الرغم من تعرض الشباب العراقيين في أغلب الاحتجاجات إلى اعمال العنف تسببت بقتل وجرح البعض من المحتجين ، إلا أن الشباب لم يكفوا عن المطالبة بحقوقهم دون ان يخشون على حياتهم من الاذى .

ومن هنا نتسأل ماالذي يجعل الشاب العراقي يخاطر بحياته ، ويعرض نفسه إلى الأذى عدة مرات ؟ . ماهو الدافع الذي يسعى إلى تحقيقه ؟ . هل من أجل إحداث التغيير في العملية السياسية كما نرى في الشعارات المرفوعة؟ ، او من اجل اصلاح مؤسسات الدولة الأمنية والخدمية والصحية والتعليمية من الفساد المستشري في مفاصلها ؟ .

نلاحظ أن مسألة مخاطرة الشاب العراقي بحياته رغم معرفتهِ المسبقة بنتائج الاحتجاجات وأنها لايمكن ان تحقق الهدف الذي يسعى اليه من احداث تغييرات اصلاحية شاملة  و لاسيما في الوقت الحاضر . انها مسألة يتطلب الوقوف عندها ، ومعرفة الأسباب الحقيقية التي تقف وراءها.

يمكن ان تعزو مسألة مخاطرة الشاب العراقي بحياته في الاحتجاجات الشعبية بغض النظر عن انتماءه السياسي و عن حبهُ لوطنهُ وتضحيته من اجله إلى عدة أسباب . وهي الآتي:-

1-أسباب اقتصادية:- من أهم الأسباب التي تدفع الشاب العراقي الخروج بالاحتجاجات الغاضبة والتعرض إلى الخطر هي المطالبة بحقوقهِ الاقتصادية . اذ بلغ معدل البطالة حسب احصائيات الصادرة عن البنك الدولي نسبة 14،2%  في عام 2021 . اما نسبة الفقر حسب احصائيات المركز الاحصائي المركزي في وزارة التخطيط العراقية فقد بلغت 31،7%  في عام2020 . كما بلغ عدد المسجلين في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية اكثر من مليون عاطل عن العمل تتراوح اعمارهم بين 20-50 عام .

فضلاً عن عجز سوق العمل عن استيعاب الشباب الخريجين اذ نلاحظ  ان اغلب الشباب المحتجين هم معطلين عن العمل قسراً اذ بلغ اعداد المعطلين عن العمل من حملة الشهادات العليا والخريجين الاوائل حسب تدقيق ديوان الرقابة المالية الاخير في عام 2022 بنحو 74 الف. كما بلغ عدد الشباب العاملين بصفة أجر وعقد مابين العمل المجاني والعمل باجور زهيدة  تتراوح بين 100 -250 دولار شهرياً بنحو 450 الف عامل في عدة وزارات منها : التربية والتعليم العالي والموارد المائية والكهرباء و وزارة الشباب والرياضة والصحة والنقل والاعمار والاسكان ، والدوائر الاخرى غير المرتبطة بوزارة مثل مفوضية الانتخابات ومجالس المحافظات .

2- أسباب نفسية :- ينتأب أغلب الشباب المحتجين حالة من اليأس والإحباط وعدم التفاؤل والامل بالمستقبل الواعد ولاسيما الشباب من الشرائح الفقيرة ومن الخريجين الذين يعانون من الاهمال.  الأمر الذي يدفع الشاب المشاركة في الاحتجاجات الغاضبة للمطالبة بحقوقه والتوجه نحو الخطر دون ان يخشى على حياته من الاذى .

  ٣أسباب اجتماعية :- اصبحت الاحتجاجات الشعبية سلوك اجتماعي يلجأ إليه الشاب للتعبير عن غضبه في العراق ضد الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 إلى الوقت الحاضر نتيجة لما يشعر به أغلب المحتجين الشباب من التهميش والظلم الاجتماعي ، وانعدام العدالة الاجتماعية ، تخصيص عدة امتيازات لفئات محددة من المجتمع دون الفئات الاخرى ، فضلاً عن الاحساس بالحرمان من العيش في بيئة يتوفر فيها ابسط سبل العيش الكريم الأمر الذي يدفع بالشاب المشاركة في الاحتجاجات والتوجه نحو الخطر في الصفوف الأولى دون أي خشية على حياته .

   في الختام ، نرى أن المعاناة التي يعانيها الشباب العراقيين على الصعيد الاقتصادي والنفسي والاجتماعي هي التي تدفع بهِ نحو المخاطرة بحياته بغض النظر عن الانتماء السياسي والجهة السياسية التابع لها ، نلاحظ لو ان الحكومات العراقية المتعاقبة قد عملت على وضع برامج حكومية تنموية للنهوض بواقع البلد ، والعمل على أنشاء بيئة آمنة تتوفر فيها شروط العيش الكريم ، لما رأينا الشاب يستمر في المشاركة في الاحتجاجات ويعرض نفسة إلى الخطر .

يتضح لنا مما سبق : وجود علاقة طردية مابين معاناة الشباب العراقيين والاحتجاجات العراقية ، اي كلما زادت معاناة الشاب العراقي زاد توجه الشاب نحو الاحتجاجات ، وكلما قلت معاناة الشباب وتوفرت لهم فرص العيش الكريم كلما قلت الاحتجاجات الشبابية العراقية.

لذا لابد على الحكومة العراقية القادمة ان تعمل على وضع حلول شاملة للنهوض بواقع الشاب الاقتصادي والاجتماعي ،  والعمل على وضع خطط استراتيجية لايجاد فرص عمل للشباب في القطاع الخاص والعام ، و العمل اشراك الشباب في برامج التنمية المجتمعية وبناء السلام وتعزيز القدرات ،  والعمل تحسين اندماج الشباب في المجتمع ، وتعزيز انتماءه إلى وطن أمن قادر على توفير متطلبات العيش الكريم في المجالات كافة .

Share:

editor

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *