متابعات/تقرير وكالة النبأ
لطالما كانت التجربة الأوربية في الانتقال من الديمقراطية التمثيلية الى الديمقراطية التشاركية تحول طبيعي لمسار سياسي طويل، وكنتيجة حتمية عن الإحساس بفشل المرحلة الأولى في إبراز الدور التشاركي والفعال للمواطن في المؤسسات التمثيلية للمجتمع، وانتقال مسار العملية السياسية في اتجاه إغلاق جسور التباعد بين المجتمع السياسي والمجتمع المدني، كشكل من الرغبة في التعاقد السياسي بين الدولة والمجتمع الذي برهن على قصور وخلل في توجه الديمقراطية التمثيلية، وعلى محدوديتها في ترجمة الطموحات المختلفة للفئات المجتمعية للمشاركة في صنع خريطة التنمية الشاملة.
اذ لم يكن من السهل على المجتمع الأوروبي أن يصل الى هذه المقاربة الجديدة، لولا إفراز المجتمع لثقافة مواطنة نشطة وذات معرفة بجوانب التطبيق، تعتمد على مناهج متجددة وقنوات للتواصل مفتوحة لإشراك مختلف الفاعلين اقتصاديا، اجتماعيا، وثقافيا، كمكونات أساسية في إنجاز التنمية الشاملة تهم المجالات الحيوية للفئات الإجتماعية المختلفة، ذلك بحشد جهود جميع الأطراف من قبل الدولة التي تتنازل عن دور المنفذ للقرارات والمشاريع الى دور المنشط والمسير للعملية.
تفعيل التشاركية
من اجل تفعيل مبدأ التشاركية اقام مركز حوكمة للدراسات العامة ورشة تدريبية للتعريف بالديمقراطية التشاركية مدير المركز منتصر العيداني تحدث قائلا “عقدنا بالتعاون مع مؤسسة كونراد اديناور الألمانية ورشة لتدريب ناشطي المجتمع المدني للتعريف باليات هذا النوع المستحدث من الديمقراطية”.
واضاف “لا زال هناك ثغرة واضحة بين الحكومات المحلية والمجتمع المدني ومنظماته مما يسبب في بطئ في ايجاد الحلول المناسبة للمواطن من خلال ما يقدمه من طلبات بالطرق التي تكون بعيدة عن المسؤول”.
وبين العيداني ان “الهدف من هذه النشاطات هو تفعيل العملية التشاركية في الحكومات المحلية كما نحاول ان عزز الاواصر من خلال تفعيل الديمقراطية من هذا النوع”.
يذكر ان المغرب كانت أول دولة عربية تؤسس للتشاركية بشقها العملي من المساهمة الفعلية ليس فقط في الاقتراح والصياغة والمحاسبة والتقييم، وهناك محاولات جدية في العراق لاستحداث جديد على الديمقراطية التمثيلية التي تسيطر على نظام الحكم فيه الى التشاركية التي لاتزال محط للمناقشة بإمكانية وكيفية تطبيقها في ظل التحزب والطائفية السياسية التي تحكم العراق.
وسائل ضغط
من جانبه أوضح الدكتور خالد الجبوري أن “الفائدة من هذه التجارب للمجتمع هي الضغط على القابضين على السلطة لسماع آراء هؤلاء الناس، كما أنها وسائل تثقيف وتعريف بمفهوم الحقوق والواجبات تجاه سلطات الدولة التي توفر لهم الخدمات”.
فيما عبر المشاركون عن تفاؤلهم باليات التحول والخروج من قفص الديمقراطية التمثيلية التي تحكم العراق منذ عام 2003، الى التقارب ومناقشة جميع الاراء من خلال منظمات المجتمع المدني.
واعتبر اخرون ان هناك فجوة كبيرة بين السلطة والشعب تحتاج الى جهد كبير لردمها او على اقل تقدير تقليصها، من خلال اتباع الليات جديدة ويمكن الاستفادة من تجارب الدول التي خاضت في هذه التجربة ومنها المغرب والاتحاد الاوربي.
واشار البعض منهم الى اهمية اشراك الاكاديمين والإعلاميين والمثقفين في مناقشة القرارات واطلاعهم على الية التنفيذ لكسب مزيد من الثقة في الحكومات المحلية، والاستفادة من جميع الخبرات في ادارة المؤسسات الدولة.
سياسة الابواب المفتوحة
خلال الورشة تحدث استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد رياض الزبيدي عن آليات التحديث الجديد للديمقراطية التمثيلية، وبين الزبيدي ان تعدد الآليات التي تجسّد مبدأ المشاركة في صنع القرار واختلافها من حيث درجة تأثيرها وقاعدة المشاركة فيها، اذ تضمن سياسة الابواب المفتوحة الحق للمواطنين في معرفة مدخلات ومخرجات المشاريع والقرار ومتابعة تنفيذها، كما انه هذه السياسة تعتمد على اليات يمكن للبلدان التي تحاول تطبيق هذا التحول في النظم السياسية الاعتماد على عدة خيارات مطروحة اهمها:-
الاستفتاء الشعبي
يتميّز الاستفتاء الشعبي بكونه يضمن حق تشريك جميع المواطنين (المؤهّلين للإدلاء بأصواتهم) بدون استثناء.
اتخاذ القرار المشترك
تتخذ الجماعة من الحكومة المحلية والمواطنين قرارات مشتركة حول بعض المسائل ويمكن ان يتخذ القرار بطريقتين:
- الانتاج المشترك
- التفويض
التشاور
من خلال فتح قنوات الحوار مع المواطنين ويمكن للحكومة المحلية ان توافق على احد المقترحات التي تقدم منهم.
ويحاول الفريق التابع للمركز ان يكون قاعدة رصينة لهذا النموذج في ادارة الدولة سواء على المستوى المحلي او المركزين من اجل التغيير في النظم لاسياسية التي تحكم البلاد، من خلال اشاعة ثقافة التشاركية في المحافظات وخصوصا تلك التي تشكل ورقة ضغط جماهيري على القيادات الحالية. انتهى/خ.