استقالة نواب الكتلة الصدرية: السيناريوهات المستقبلية
أ. فرحان فرع فرحان
قدم نواب الكتلة الصدرية استقالتهم من مجلس النواب العراقي بتاريخ 12/6/2022 بناء على طلب زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر مما احدث جدلا وسائعا بين الأوساط الشعبية والسياسية ، و للوقوف عل هذه الجدلية ستطرق الباحث الى موضوع الاستقالة من الناحية القانونية والدستورية والاخذ بعين الاعتبار النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي فضلا عن السيناريوهات المستقبلية المتوقعة.
المحور الأول – استقالة النواب في الاتجاهات القانونية:
أن موضوع استقالة النائب في مجلس النواب العراقي تم التطرق اليه في ثلاث اتجاهات قانونية :
الاتجاه الأول: النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي :
نصت المادة 12 من النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي على الاتي :
أولاً: عند تقديم أحد أعضاء هيأة الرئاسة الاستقالة من منصبه تقبل بعد موافقة المجلس بأغلبية عدد أعضائه الحاضرين.
ثانياً: لمجلس النواب إقالة أي عضو من هيأة رئاسته وفق القانون.
ثالثاً: إذا خلا منصب رئيس المجلس أو أي من نائبيه لأي سبب كان ينتخب المجلس بالأغلبية المطلقة خلفاً له في أول جلسة يعقدها لسد الشاغر وفقاً لضوابط التوازنات السياسية بين الكتل.
الاتجاه الثاني: قانون رقم (49) لسنة 2007 تعديل قانون استبدال اعضاء مجلس النواب رقم (6) لسنة 2006
تشير المادة (1) الى الاحكام التالية:
اولا ــ تنتهي العضوية في مجلس النواب لاحد الاسباب الاتية : –
1 ـ تبؤ عضو المجلس منصبا في رئاسة الدولة او في مجلس الوزراء او أي منصب رسمي اخر.
2 ـ فقدان احد شروط العضوية المنصوص عليها في الدستور و قانون الانتخابات.
3 ـ استقالة العضو من المجلس في غير الحالة المنصوص عليها في الفقرة ثالثا من هذه المادة.
4 ـ الوفاة.
5 ـ صدور حكم قضائي بات بحقه بجناية وفقا لاحكام الدستور.
6 ـ الاصابة بمرض عضال او عوق او عجز يمنعه من اداء مهامه في المجلس مشفوعا ذلك بقرار من لجنة طبية مختصة على ان لا تتجاوز مجموع اجازته المرضية ( ثلاثة اشهر) خلال فصلين تشريعين متتاليين وفي حالة تجاوزه يحال على التقاعد وللمجلس الحق في استئناف قرارات اللجنة الطبية.
7 ـ اقالة العضو لتجاوز غياباته بدون عذر مشروع لاكثر من ثلث جلسات المجلس من مجموع الفصل التشريعي الواحد.
ثانيا ــ لمجلس النواب اقالة اعضاء هيئة الرئاسة من منصبه بالاغلبية المطلقة لعدد اعضاء المجلس بطلب مسبب من ثلث اعضاء المجلس.
ثالثا ــ تسري الفقرة اولا من الامر رقم ( 9 ) لسنة 2005 على عضو مجلس النواب واعضاء هيئة الرئاسة في حالة تقديم استقالته وقبولها من قبل المجلس بالاغلبية المطلقة على ان لا تقل فترة عضويته في مجلس النواب عن سنة واحدة.
رابعا ــ لعضو هيئة الرئاسة المقبولة استقالته الاحتفاظ بعضويته بمجلس النواب في حالة عدم رغبته في التقاعد.
الاتجاه الثالث: قانون رقم (١٣) لسنـة ٢٠١٨ مجلس النواب وتشكيلاته :
أشارت المادة (12) في حالات انتهاء النيابة الى: تنتهي النيابة في المجلس في الاحوال الآتية:
ثانياً: الاستقالة.
قراءة في الاتجاهات الثلاثة:
وفقا للاتجاهات المذكورة أعلاه يرى الباحث ان استقالة نواب الكتلة الصدرية لا اشكال فيها وتعتبر نافذة عند اصدار امر رسمي بذلك من قبل السلطة التشريعية لعدة أسباب و وفقا للأتجاهات الثلاث المذكورة أعلاه وهي :
1- وفقا للاتجاه الأول (النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي) المادة 12 : أولا و ثانيا ، كما نصت المادة المذكورة : ثانيا : لمجلس النواب إقالة أي عضو من هيأة رئاسته وفق القانون ، ويعتقد الباحث ان القوانين التي تحدد الاستقالة هي : اما (قانون رقم (49) لسنة 2007 تعديل قانون استبدال اعضاء مجلس النواب رقم (6) لسنة 2006) أو ( قانون رقم (١٣) لسنـة ٢٠١٨ مجلس النواب وتشكيلاته) وفي كلتلا الحالتين لايوجد أي مانع للاستقالة بالنسبة لنواب الكتلة الصدرية لسبب أن قانون رقم (49) لسنة 2007 تعديل قانون استبدال اعضاء مجلس النواب رقم (6) لسنة2066المادة 12 الفقرة ثالثا تنص : تسري الفقرة اولا من الامر رقم ( 9 ) لسنة 2005 على عضو مجلس النواب واعضاء هيئة الرئاسة في حالة تقديم استقالته وقبولها من قبل المجلس بالاغلبية المطلقة على ان لا تقل فترة عضويته في مجلس النواب عن سنة واحدة ، وهنا ان الكتلة الصدرية فترة عضويتهم لم تتجاوز السنة بالتالي فلا اشكال قانوني في الاستقالة فلو تجاوزت عضوية النواب السنة الواحدة ممكن أن يخضعوا للقانون والمادة المذكورة أعلاه .
وفي ظل تعدد القوانين وفضلا عن وجود نظام داخلي يتعلق في موضوع استقالة النواب والالتباس الحاصل حول أي الاتجاهات الثلاث المذكورة في الدراسة التي تعتمد في موضوع الاستقالة فأن خبير القانون الدستوري الدكتور مصدق عادل يوضح هذا الالتباس في عدة نقاط وهي :
– في حالة وجود نص قانوني في قانون وخلو قانون اخر من نفس النص أي وجود اكثر من قانون حول موضوع معين فأنه يتم اللجوء الى جميع القوانين ليكون كل قانون مكملا للأخر أي تكون هناك حالة تكامل بين القوانين.
– اما اذا كانت هذه القوانين جميعها تتضمن وتنص على نفس الموضوع المثار حوله التساؤلات فيتم اللجوء الى احدث قانون ( اخر قانون صادر وفق التأريخ ).
– اما في حال وجود عدة قوانين وكذلك وجود نظام داخلي مع وجود مادة تتضمن نفس الموضوع فأنه يتم اللجوء الى النظام الداخلي وتفضليه عل القوانين الأخرى.
وفي هذه الحالة بما انه موجود نظام داخلي لمجلس النواب فأن موضوع استقالة النواب يعتمد فيها النظام الداخلي للبت في الاستقالة.
المحور الثاني – السيناريوهات المستقبلية المترتبة على الاستقالة:
أولا: العدول عن الاستقالة:
لم يتطرق النظام الداخلي لمجلس النواب على موضوع العدول عن الاستقالة ولا توجد فترة زمنية تحدد ذلك بالتالي هناك أمكانية لرجوع الكتلة الصدرية الى مجلس النواب عن طريق تقديم طلبات عدول عن الاستقالة قبل المضي بتبديلهم بنواب اخرين ، والدليل على هذا ما حصل مع النائب ليث الدليمي حين وافق رئيس مجلس النواب العراقي على استقالته وقام النائب ليث الدليمي فيما بعد بتقديم عدول عن الاستقالة وتم قبولها من قبل رئيس المجلس ، ويتعقد الباحث أن موضوع استقالة نواب الكتلة الصدرية نهائيا قد يرتبط بالمضي بإجراءات الاستقالة وتبديلهم بأخرين وهم الأشخاص الخاسرين الذين حصلوا عل اعلى عدد أصوات في الدوائر الانتخابية (أعلى الخاسرين ) .
ثانيا: طرح مبادرة جديدة من قبل قوى الاطار التنسيقي:
يعتقد الباحث أن هذا السيناريو اذا ما تحقق فأنه سيتحقق في المستقبل القريب ، ويكمن في طرح مبادرة من قبل قوى الاطار التنسيقي بقبول بمرشح تحالف انقاذ وطن (السيد جعفر باقر الصدر) المنضوي تحته التيار الصدري للخروج من الازمة الحالية والمضي بتشكيل الحوكمة بدل الذهاب الى المجهول .
ثالثا: المضي بأستقالة التيار الصدري:
في حال المضي باستقالة التيار الصدري وقبولها واستبدالهم بنواب اخرين فهنا يتوقع الباحث أن التيار الصدري سيلجأ الى الاحتجاجات ودعوة قواعده الشعبية ال النزول الى الشارع في باعتبار الصدريين اصبحوا خارج العملية السياسية من خلال استقالتهم من السلطة التشريعية وعدم الدخول فيها وهنا يبقى التساؤل متى سيتم اللجوء الى هذا السيناريو ؟؟ يعتقد الباحث انه موضوع النزول ال الشارع قد يتحدد او يرتبط بتفاعلات القو السياسية من ناحية الإسراع او التأخر في تشكيل الحكومة أولا وثانيا قد يتعلق بنتائج الحكومة المشكلة أي إعطاء فترة زمنية للحكومة المشكلة والنظر بنتائج هذه الحكومة من ناحية تقديمها النتائج التي ترضي المجتمع بشكل عام من ناحية تقديم الخدمات ، وهذا السيناريو يعد الأخطر على القوى السياسية العراقية كون التيار الصدري له قواعد شعبية واسعة فضلا عن ان هذه القواعد تمتلك ايدلوجيا عقائدية قوية ومستعدة لتنفيذ أوامر السيد الصدر مهما كانت هذه الأوامرفضلا عن انضام جماهير من خارج التيار الصدري ال الاحتجاجات ، من ناحية أخرى يرى الباحث أن القوى السياسية العراقية تدرك نتائج نزول التيار الصدري الى الشارع وهناك شواهد عديدة على ذلك أهمها احتجاجات 2019 فضلا عن النتائج التي تلت هذه الاحتجاجات وهي :
– تغيير قانون الانتخابات
– تغيير مفوضية الانتخابات
– استقالة الحكومة العراقية
– ظهور قوى جديدة على الساحة العراقية أصبحت جزء من العملية السياسية.
رابعا: حل مجلس النواب والذهاب الى انتخابات جديدة: أي قيام مجلس النواب العراقي بحل نفسه والذهاب الى انتخابات جديدة ، ويعتقد الباحث ان هذا السيناريو ضعيف الى حد ما كون اغلب القوى السياسية صرحت بانها ماضية بتشكيل الحكومة بعد تقديم الاستقالة من قبل أعضاء الكتلة الصدرية .
وأخيرا يرى الباحث ان موضوع الاحتجاجات امرا يلازم كل حكومة جديدة او بعد كل انتخابات تشريعية والدليل على ذلك ( احتجاجات عام 2011 وما رافقها من نتائج سلبية كدخول المجاميع الإرهابية الى مناطق عديدة من المحافظات العراقية ، احتجاجات 2015 ، احتجاجات عام 2019) و وفقا لهذه المؤشرات يتبين ان الاحتجاج امرا ينتج بعد كل انتخابات تشريعية وعلى أصحاب القرار والمعنين أن يأخذوا بعين الاعتبار هذه المؤشرات لتدارك الذهاب الى حالة عدم الاستقرار .